سلالم الحب -------------

سلالم الحب

نور بصمه جي

"حبيبي أمسك يدي ودعنا ننزل سويا من برجنا العالي، أمسك يدي كي لا يسقط حبنا في حفرة الخيبة.."
الحب أكثر التجارب الإنسانية روعة وأشدها غموض، بقى كلغز مثير يحلم كل إنسان بحله بنفسه،وكما نعرف فإن الحب والجاذبية الجنسية يتفاعلان جنبا إلى جنب بطريقة ما،فعندما يتفق وقوع الحب والانجذاب الجنسي فإنهما ينتجان أكثر التجارب الإنسانية روعة

ولكن المشكلة عندما يحركنا انجذابنا الجنسي نحو شخص ما، ولأننا لم نعتد على مكاشفة حتى أنفسنا بشعور كهذا ، نخلع على انجذابنا الجنسي اسم "الحب " مما يعطينا شعور مريح أكثر وندخل في دوامة من الحب المزيف
إلى أن يصل الشخص لمبتغاه ويشبع حاجته الجنسية من الشخص ،فيسقط قناع الحب ونكتشف أننا لم نكن في حالة حب،هذا اللبس يقع الكثيرون فيه ويتطلب من الشخص أن يكون على قدر من الوعي والمكاشفة الذاتية ليتمكن من تفنيد مشاعره بشكل صحيح ويجنب نفسه الوقوع في هذا المأزق.
وهذا ما حدث مع" د.ق" شاب في الثانية والعشرين حيث بقي متعلق ب " ن.و 18 عام" سنة كاملة بعدها بادلته الفتاة الحب وشعر "د.ق "بأن مشاعره نحو "ن.و" تزداد وتتأجج حتى تم له ما كان يحلم به وبدأا يتقابلان على انفراد وبعد فترة أخذ يتسلل لقلبه شعور غريب وأدرك أنه لا يحب "ن.و "، فهو منجذب جنسيا لها ويكون سعيد فقط عندما تكون بين ذراعيه ولا شيئ يجمعه معها سوى ذلك،حاول مقاومة شعوره ولكنه تركها في النهاية وطبعا أصيبت "ن.و" بصدمة كبرى وكان عليها الدخول في دوامة من الشعور بالخزي والعار فلا شئ أصعب على الفتاة من أن تكتشف أنها سلمت نفسها لشخص لا يراها حبيبته! إذا كيف يمكننا أن نميز بين حبنا وبين تعلقنا الجنسي بالشخص؟
هناك عدة أسئلة يجب أن نسألها لأنفسنا:
1-هل أستمتع مع حبيبي في الأماكن العامة "أي في الأماكن التي لا يمكن أن نكون فيها على سجيتنا المطلقة " أم أرغب أن نكون دائما في مكان معزول عن الأعين؟
2-هل توجد أي أنشطة أو هوايات مشتركة بيننا نحب أن نمارسها سويا "قراءة كتب ، حضور مسرحيات ، الذهاب في أنشطة ......"أي هل يوجد تشابه بيننا أم أننا نمثل طرفي النقيض في معظم الأمور ؟
3-مانوع الأحاديث التي نخوضها معظم الوقت "هل هي أحاديث غرامية عن الحب والمشاعرو تعبيرنا عن شوقنا لحضن الاخر ،هل نتبادل حديث يومي حول ما نحب فعله في الحياة ،حول الناس ....كأي صديقين أو زميلين ؟
4-ماهي أحلام اليقظة التي تراودني غالبا حولي أنا وحبيبي "تخيلات جنسية فقط ،خيالات حول حياتنا ،مستقبلنا ....أطفالنا ...." ؟
بعد أن أجبت عن هذه الأسئلة : * إذا كنت تستمتع بالتواجد مع من تحب في الأماكن التي لا تمكنك من التقرب منه أو الأماكن التي تكونان فيها تحت أعين الناس فهذا مؤشر جيد،لأن من غير المنطقي أن تنحصر سعادتك مع حبيبك فقط عندما تحضنه أو تقترب منه ..،إذا اخترته شريك يجب أن تتمكن من الاستمتاع معه في كل الأماكن.
*إذا جمعت بينكما اهتمامات وأنشطة وطباع مشتركة فهذا يضعكما في بر الأمان، ففكرتنا السائدة التي تقول أن الإختلاف مطلوب في العلاقة وأن السالب يجذب الموجب فكرة مغلوطة وأثبتت فشلها وكما تقول نوال السعداوي " الحب يولد مع التشابه " فالحبيب يجب أن يكون قبل كل شيئ صديق فهو من سيسير معك مشوار الحياة ووجود إختلافات جوهرية بين شخصية الشريكين تجعل من تجربة الحب أو الارتباط أكثر صعوبة وتتطلب قدر أكبر من التضحية والخلافات . وضمن هذا النطاق يدخل نوع أحاديث الحبيبين، فإذا كانت أحاديثهما فقط عن الحب والمشاعر الجنسية المؤجلة،لن يجدا ما يتكلما عنه عندما يصبحان في بيت واحد ويتحقق الهاجس الذي جمعهما!
فإذا كان الحبيب يملأ هواجسنا الجنسية فقط فهو ليس حبيب،الحب أكبر من الجنس، الجنس وجه من وجوه الحب ولا يمثل الحب بكليته.
إذا كان من تحب أفضل صديق لك عندها فقط، أنت في حالة حب حقا ..
ولكن حتى الأحباء الحقيقيون يختلفون ويمرون بانهيارات مؤلمة تهدد علاقاتهم وتدمرها في أحيان كثيرة، وهذا يعود إلى أن الحب يقسم إلى ثلاث مراحل أساسية لابد لكل علاقة أن تمر بها :
1-مرحلة الغزل :
وهي مرحلة الحب العنيف، وفي هذه المرحلة يخيل للحبيب أن حبيبه أفضل شخص بالعالم وهنا ينطبق مثل " الحب أعمى " حيث لا يرى الحبيب في حبيبه إي عيوب، وتتمكن قوة الحب وروعته من أن تبتلع معظم الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها أي من الشريكين ، ولكن هذه المرحلة لا تستمر أكثر من عام نظرا لأنها تكون مبنية على الأفراط والمبالغة في تقدير الحبيب وفي أحيان كثيرة تكون مبنية على توقعات سحرية غير منطقية، وهذه المرحلة ترتكز على ثلاث عوامل وهي
* الإنجذاب الجنسي. *الشعور بوجود سر كامن في شخصية الشريك . *عناصر الإعجاب التي يجدها الحبيب في حبيبه .
وغالبا مايفقد الإنجذاب الجنسي بريقه مع الزمن ، والشعور بوجود سر في الحبيب يتحول مع الزمن ومع ازدياد معرفة الشخص بالأخر لشعور عادي إذا لم يتحول أحيانا لشعور مخيب للظن، وبشكل عام تستمر أجزاء من الإعجاب فترة أطول من الزمن مثل المؤهلات الأجتماعية أو الجمال الجسدي..، لذا لا يحبذ أن يتزوج شخصان قبل مرور سنة على الأقل لعلاقتهما،كي لا يتزوجان في مرحلة الحب الأعمى ويبدأن بالمرحلة الثانية بعد الزواج، وما أكثر القصص التي نسمعها عن الأحبة الذين أحبوا وتزوجوا في غضون شهران أو ثلاثة ثم أنتهى زواجهما بعد فترة، ونجد الناس مستغربين من طلاقهما مكررين أنهما تزوجا بعد قصة حب ،دون أن يدركوا أنهم تزوجوا في مرحلة غزل واعجاب وليس في مرحلة الحب الحقيقي .
.بعدها ينتقل الحبيبان للمرحلة الثانية .
2-مرحلة النزاع :
فجأة تتصاعد الخلافات بين الشركين وكأنهما يتعرفان للمرة الأولى على بعضهما وتبدأ الأوهام والخيالات التي عاشا فيها سابقا بالإنقشاع وهنا تبرز معظم المشاكل المؤلمة التي تتسبب في عذاب الشريكين، بعض هذه المشاكل يبرز من تضارب الرغبات والبعض الأخر هو نتيجة طبيعية لبقاء شخصين معا على صلة وثيقة ، كما أن نقص الإعجاب الذي يشعر به أحد المحبين تجاه الأخر من شأنه أن يزيد الشكوى والتذمر، فإذا استطاعا معالجة المشاكل التي ستظهر في هذه المرحلة فإن العلاقة تستمر إلا إذا حدث تبدل عظيم في شخصية أحدها أو كانت العلاقة مبنية اساسا على كذب ومراوغة مقصودة من أحد الطرفين، وعندها تنتقل العلاقة للمرحلة الثالثة .
3- مرحلة استقرار الحب أو نهايته :
بعد أن اكتشف كل من الحبيبن أن شريكه ليس كامل وليس ملاك أرضيا يكونان أمام خيارين، أما إيجاد حلول للمشاكل المتصاعدة تكون مرضية للطرفين، بحيث يحولان علاقتهما إلى علاقة رقيقة واعية ودائمة، أو تتحطم علاقتهما وتنتهي.
العامل الذي يمكننا من الإنتقال بسلام من المرحلة الثانية للثالثة، هو الصداقة الموجودة بين الشريكين وتقارب شخصياتهما الذي يمكنهما من إدراك أسباب شكواهما وشجاعتهما للبوح بها أمام الأخر ، دون محاولتهما الصفح عن الحبيب أو التغاضي عن أسباب غيظهما، كما أعتدنا أن نفعل معتقدين أن هذا دليل حبنا للشريك،فالصفح المتكرر دون أن يسبقه معاتبة ومكاشفة ووصول لحلول مرضية يراكم مشاكل دفينة داخل الشخص سوف تتفجر يوما ما وبدفعة واحدة في وجه الأخر ناسفة الحب من أساسه دون أسباب مقنعة حين تفجرها .
لذا على الحبيبن أن يهبطا برفق من مرتفع التوقعات السحرية قبل أن تخبو الجذوة الأولى من جذوات الإنجذاب، عندما يصل الحبيبن لهذه المرحلة يكونان حقا في حالة حب حقيقي أقوى من أن تهزه المشاكل أو من أن تذريه رياح الروتين والملل